لغات الحب

هل تعلم ماهي لغتك المفضلة في الحب

لربما يبدو السؤال غريبا أو ملفتاً لكني سأحاول شرحه بطريقة مبسطة وموجزة وسأبدأ بالحديث عن الحب بالاقتباس من حديث للنبي محمد عليه الصلاة والسلام : والذي نفسي بيده لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا .
فالحب أصلا هو شريعة وعقيدة وهو من أعظم وأهم المشاعر المركزية تبدأ بحب الخالق لعباده وحب عباده له [يحبهم ويحبونه] ومحبة الناس لبعضهم البعض [لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ]هذه وصية الله لعباده المؤمنين أن يتحابوا فيما بينهم عامة فكيف محبتنا للدائرة الأقرب لنا :الوالدين والأولاد ومن ثم الدائرة الأبعد فالأبعد …
وسأتكلم هنا عن الحب بين الزوجين على وجه خاص لأن هذا الحب الذي هو سكن ومودة ورحمة هو حب وجداني يوازن بين العقل والعاطفة ويرتبط بالإرادة ويتطلب الجهد والنظام والاعتراف بالحاجة إلى التطور الشخصي للطرف الآخر والعلاقة بين أي اثنين معقدة جدا وتحتاج العمل عليها من قبل الطرفين لأن كل شخص يرسل ويستقبل الحب بطريقة مختلفة عن الآخر وكأنها لغة مخصوصة وهذا ما سنتطرق بالحديث عنه من كتاب لغات الحب الخمس لعالم النفس جاري تشابمان الذي أثار فكرة اختلاف الحب بين الأشخاص واختلاف طرق تعبيرهم عنه وشبهها باختلاف اللغات ،كأن يتكلم أحد الطرفين باللغة الفرنسية والآخر باللغة الإنكليزية ،للأسف مع أن الطرفان يتكلمان لكن لا يفهم أحدهما الآخر وهذا يؤثر على شعور الشخص بأنه محبوب ومرغوب به ،أي أنه قد يكون الزوجان يقدمان ويبذلان في العلاقة ،لكن كلٌ حسب لغته في الحب وليست بالضرورة أن تكون لغة الشريك ومن هنا تظهر المشكلات في العلاقة .
وذكر الكاتب أن لكل شخص خزان حب عليه أن يملأه باستمرار وأن لدى كل شخص أكثر من لغة حب لكنه يميل لطريقة تعبير تكون الأقرب له وتملئ خزان المشاعر لديه ومن لغات الحب التي تحدث عنها :

1. كلمات الثناء :

كلمات التشجيع ، المديح ،التقدير ،الغزل ،الكلام الجميل ،الإطراء
الشخص الذي يفضل هذه اللغة هو شخص سمعي قلبه معلق بما يسمعه يحتاج أن يتأكد من الحب ،يشعر بالثقة كلما سمع ثناء أكثر ،ينتبه لنبرة الصوت ويتأثر كثيرا بالنقد الجارح وقد يكون مدمرا له .
والثناء يمكن أن يكون قبل العمل [تشجيع] أو أثناء العمل [تحفيز] أو بعد العمل [مديح]
وإما أن تثني على الفاعل أو على الفعل
والناس يختلفون في تلقي الثناء ما بين خفي وجلي
حيث يكون الثناء الجلي هو ثناؤك على الشخص بصفات أو ملكات هو يعرفها في نفسه وهذا لا يؤثر فيه كما يؤثر فيه الثناء الخفي الذي تطرب له النفس وتطلبه ،لأنك تثني على ما يشك فيه
ويكون الثناء إما منطوقاً في وجود الشخص أو في غيابه وينقله له الناس
أو مكتوبا كالرسائل مثلا
وما أجمل أن تكتب وتوثق كل المشاعر الطيبة وكل ما هو جميل فقط
وما أعظمها وأروعها في قول الله عزوجل [فاذكروني أذكركم ] وهنا ذكر الله للعبد ثناء عليه في الملأ الأعلى
ولا ننسى أن الكلمة الطيبة صدقة
أما اللغة الثانية التي ذكرها الكاتب فهي :

2.تكريس الوقت :

أصبحنا في زمن لا نملك فيه الوقت وإذا وجدنا وقت انشغلنا بالهواتف الذكية .
من أشد أنواع الوحدة هي وحدة الزحام أن تكون ضمن مجموعة أو أسرة ولكن كل شخص في عالمه الخاص واهتماماته الخاصة .
تكريس الوقت يعطي رسالة للآخر بأني أقدَره وأعطيه من وقتي بعيداً عن الملهيات والمشتتات وبأني مهتم وأسمع وأنصت بتركيز .
قد يكون تكريس الوقت بالسفر سويا مثلاً أو فعل نشاط محبب للطرف الآخر
يمكن تخصيص وقت أسبوعي لذلك .
لو أردنا أن نفهم معنى جودة الوقت فالصلاة هي أسمى مثال عملي لذلك فمجرد دخولنا في الصلاة هو انعزالنا التام عن كل مشتت خارجها
وفي حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم تعلمنا الكثير من المواقف التي تظهر اهتمامه وتكريس وقته لزوجاته وأصحابه وحتى الأطفال الصغار من حوله بالرغم من مسؤولياته الكثيرة والمهمة .
وأما اللغة الثالثة التي تحدث عنها الكاتب فكانت :

3. تقديم الهدايا:

أشار الكاتب أن الأهم من القيمة المادية للهدية هو تفاصيل تقديمها
فالهدية هي اهتمام على شكل عطية والهدية رمز يحمل ويختزل تاريخ وذكريات ومحبة
لا يجب أن تكون الهدية مشروطة أو سلفة
وقد ترتبط بالمناسبات وبالذكريات أو قد تكون مفاجئة بدون أسباب
وقد حثنا النبي الكريم على تقديم الهدايا وتقبلها لتعزيز المحبة فيما بيننا بقوله [تهادوا تحابوا] وكان عليه الصلاة والسلام يقبل الهدية كبيرة كانت أم صغيرة حتى الطعام يقبل كهدية .
اللغة الرابعة هي:

4. الأعمال الخدمية :

وفي هذه اللغة يعبر الشخص عن حبه واهتمامه بتقديم أعمال أو خدمات تساعد الشريك كإعداد الطعام مثلاً أو المساعدة بالأعمال المنزلية أو المكتبية بحسب حاجة الشريك بمبادرة منه دون طلب الشريك
وهذه اللفتات البسيطة تملئ خزان الحب لصاحب هذه اللغة لأن المساعدة هنا شعورية أكثر منها حقيقية
الحب بالشعور وليس بالحضور فقط
وقد أخبرتنا السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام كان في مهنة أهله وكان يخيط ثوبه
وقد حثنا النبي على مساعدة الآخرين في قوله [كان الله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه]
فتقديم العون والمساعدة طريقة من طرق التعبير عن المحبة
وأما اللغة الخامسة والأخيرة كما ذكرها الكاتب :

5. الاتصال البدني [ التلامس ]:

كالسلام ، الحضن ، المسح على الرأس ،مسك الأيادي ….
علمياً وطبياً التلامس يغير كيمياء الجسم
أستذكر هنا حديث النبي [ما من مسلمان يلتقيان فيتصافحان إلا غفر الله لهما ]
الصحابة الكرام كانوا عندما يتقابلون يتصافحون في كل لقاء وإذا كان أحدهم عائد من سفر يحضنوه
كيف تعرف لغتك في الحب ولغة شريكك ؟
قد يكون هناك احتمال أن ما تطلبه دائماً من شريك حياتك يتوافق مع لغتك في الحب
أو أن ما تقدمه وتفعله للطرف الآخر هو ما تتمنى أن يفعله لك
من المهم جداً أن تعرف لغتك في الحب وأن تعرف لغة شريك حياتك ، فهذا له دور كبير في إنجاح الحياة الزوجية والوصول إلى الحب الحقيقي
ويمكن ذلك إما بالملاحظة الدقيقة أو بالسؤال المباشر .
هل لغات الحب مقتصرة على المتزوجين فقط ؟
لغات الحب لا تقتصر على المتزوجين ويمكن تطبيقها مع مختلف الأشخاص وحتى الأطفال أيضا فبعضهم يطلبون من آبائهم أن يشاركوهم في نشاطاتهم وفي اللعب معهم وبعضهم يحضنون آباءهم ويمسكون بأيديهم طلبا للرعاية والاهتمام .
وقد يكون إهمال تقديم الحب بالطريقة التي يفهمها الطفل خطير ،حيث تصله الرسالة أن لا أحد يحبه ولا أحد يهتم به وهذا يؤدي إلى ميله لسلوكيات غير سوية للفت الانتباه
كثير من الآباء يحبون أطفالهم ولكنهم لم يتعلموا كيف يعبرون عن حبهم باللغة التي يفهمها أطفالهم وبالتالي يبقى خزان الحب العاطفي فارغا لديهم ويصنع فجوة ما بين الآباء والأبناء .
لاحظ أطفالك وشاهد كيف يعبرون عن حبهم للآخرين فهذا هو المفتاح لمعرفة لغتهم للحب .

وفي الختام :

تتعدد لغات الحب وتختلف من شخص لآخر وعلينا جمينا أن نعرف لغتنا الأقرب لنا ونوضحها للأشخاص المهمين في حياتنا ونعرف لغاتهم أيضا ونواجه الأمية الكبيرة المتفشية في طريقة تعبيرنا عن مشاعرنا ونملئ خزان الحب باستمرار لأننا نحتاج لهذا الرصيد في مواجهة تقلبات الحياة وتحدياتها المستمرة
الحب في القلب كالعطر في زجاجته لا قيمة له إلا عندما ينتشر عبيره
[هلا أخبرته ]

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *