كيف نجد الألوان والفرح حين تهمس الحياة بكلمة الألم

** 🩷 رفيقة الرحلة:

هناك كلمات حين تهمس في أذن حياتنا، تُحدث دويِّاً لا يهدأ… و”سرطان الثدي” هي إحدى هذه الكلمات. قد تبدو للوهلة الأولى كسحابة غائمة ثقيلة من الألم، تحجب ضوء الشمس وتسرق الألوان من عالمنا. ولكن، ماذا لو قررنا أن ننظر إلى سحابة الألم هذه من الجانب الآخر؟ جانبها الفضي اللامع. ماذا لو قررنا أن نجعل من هذه الرحلة – رغم وعورتها – رحلة اكتشاف للذات، للفرح الصغير، للقوة الكامنة فينا فى مواجهة الألم، ولجمال الحياة الذي لا يغيب حتى في الأيام الممطرة؟

هذه الرحلة ليست عن معركة نخوضها بوجوه عابسة، بل عن رحلة نخطوها بقلوب شاكرة تستقبل الألم كمنحة ، نبحث فيها عن بصيص الضوء، ونصنع الفرح بيدينا، ونتذكر أن الحياة، في نهاية المطاف، هي مجموعة من اللحظات التي نختار كيف نعيشها. فهيا بنا، لنمسك بأيدينا ونتسلح بالتفاؤل، كي نروي قصة مختلفة، قصة تزهر بالأمل والامتنان.

🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷

** 🩷 البداية… لقاء مع الذات بصورة جديدة

عندما تأتي كلمة “السرطان” إلى حياتنا، فإن أول ما يحدث هو لقاء مفاجئ مع ذاتنا. إنها لحظة توقف إجباري، مثل إشارة مرور حمراء في طريق سريع كنا نسير فيه بسرعة. في البداية، قد نشعر بالصدمة والخوف من الألم

والغضب، وكل هذه المشاعر طبيعية وجميلة لأنها تعني أننا أحياء نشعر.

المرح في مواجهة الخوف:

بدلاً من السماح للخوف بأن يكون الطاغي، لماذا لا نستدعي “فضول” الطفل الذي بداخلنا؟ تخيلي معي أن رحلتك الجديدة واستكشاف ذاتك وقدراتك على التحدى والصبر والتعلم من المحن .

احتفالية قص الشعر:

من أكثر اللحظات التي تمس الأنوثة بشكل مباشر هي فقدان الشعر. ولكن بدلاً من انتظار سقوطه بحزن، لماذا لا نحولها إلى “احتفالية تحرر”؟ قومى بدعوة صديقاتك المقربات، شغلي الموسيقى المفضلة لديك، وقصي شعركِ بطريقة مبتكرة. يمكنكِ تجربة قصات قصيرة جدًا لم تجرئي على تجربتها من قبل. احضري مجموعة من الأوشحة الملونة، القبعات الظريفة، والباروكات بألوان جريئة. اختاري لونًا لم تعتاديه! لم لا يكون لديكِ شعر وردي ليوم، أو أزرق في يوم آخر؟ هكذا يصبح الأمر لعبة تزيين وتجديد، وليس خسارة. تذكري، الوجه الذي يضيء من الداخل هو أجمل إطار له، مع شعر أو بدونه.

🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷

** 🩷 صديقات الرحلة… دائرة النور التي تحمينا

لا أحد يستطيع السير في هذا الطريق وحده. وهنا تأتي روعة العلاقات الإنسانية. هؤلاء الأشخاص الذين يظهرون كالنجوم في الليل الحالك.

طاقم الدعم: فريقكِ المميز:
فكري في نفسكِ كمديرة مشروع كبير، ومشروعكِ هو “عافيتكِ وسعادتكِ”. لذلك، أنتِ بحاجة إلى طاقم دعم مميز:

  • الصديقة “المهرجة”: التي مهمتها الأساسية إضحاككِ، وإحضار الأفلام الكوميدية، ورواية النكات، وتذكيركِ أن الضحك هو أفضل دواء.
  • الصديقة “الهادئة”: التي تستمع دون أن تحكم، تحتضنكِ حين تبكين، وتقول لكِ “أنتِ قوية” في الوقت المناسب.
  • الصديقة “العملية”: التي تنظم جدول مواعيدك، تعد لكِ وجبات صحية لذيذة، وتقوم بالأعمال المنزلية بدقة عسكرية!
    لا تخجلي من طلب المساعدة. اسمحي لهذا الحب أن يدخل، واشكري وجودهم في حياتك. الامتنان لهؤلاء الملائكة الأرضيين يضاعف من فرحكِ وقوتكِ.

🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷

** 🩷 جسدكِ حديقة… لا معمل كيماوي

من السهل أن ننظر إلى الجسد أثناء العلاج على أنه ساحة حرب ضد الألم، ولكن النظرة الأكثر رحمة وإشراقًا هي النظرة إليه كـ “حديقة” تحتاج إلى عناية خاصة.
التواصل مع الله :
عودة الى الله بالالفة والامتنان والدعاء … الصلاة والقرأن او ادعيتك من كتابك المقدس غذاء الروح والعقل وراحة النفس .

الطعام كصديق ملون:
تحولي من فكرة “الطعام الصحي المفروض” إلى “مغامرة الطهي الممتعة”. جربي وصفات جديدة مليئة بالألوان. الخضروات الحمراء والخضراء والصفراء هي ألوان فرح. اصنعي عصائر ملونة وزينيها بشرائح الفواكه. اجعلي من طبقكِ لوحة فنية. كل قضمة هي رسالة حب ترسلينها إلى جسدكِ، تقولين فيها: “أنا أستحق العناية”.

الحركة كرقصة حياة:
لا تفكري في الرياضة كواجب شاق، بل كفرصة للحركة والانطلاق. المشي في الهواء الطلق مع الاستماع إلى الموسيقى المفضلة، تمارين التأمل اللطيفة التي تعيد الارتباط بين الجسد والروح، أو حتى المرح في غرفتكِ على الانغام التي تحبينها. حركي جسدكِ بلطف، أشعريه بالحياة، واشكري الله على قوة جسدك وصموده.

🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷

** 🩷 عالم من المتع الصغيرة… حيث يكمن السحر الحقيقي

الفرح الحقيقي لا يكمن في الأحداث الضخمة، بل في اللحظات الصغيرة التي نغفل عنها أحيانًا. العلاج هو فرصة ذهبية لإعادة اكتشاف هذه المتع.

الاستمتاع بالحواس:

  • اللمس: احضني وسادة ناعمة، غطي نفسك ببطانية دافئة، اجعلي لجسدكِ حماما بلوشن برائحة مهدئة. اشعري بدفء كوب الشاي بين يديكِ.
  • السمع : اصنعي قائمة انشطة “للتفاؤل” و”للهدوء”. استمعي إلى صوت الطيور، ضحكات الأطفال، أو حتى الصمت أحيانًا.
  • البصر : لاحظي جمال اللوحات في منزلك، ألوان الزهور في الحديقة، طريقة تلألؤ ضوء الشمس على الماء.
  • التذوق: استمتعي بكل قضمة، حتى لو كانت بسيطة. طعم الشوكولاتة الذائب، حلاوة الفاكهة الناضجة، انتعاش النعناع.

الإبداع ملجأ الروح:
العلاج الكيماوي قد يأخذ من طاقتكِ، ولكنه يعطيكِ هدية ثمينة: الوقت. الوقت لفعل الأشياء التي كنتِ تؤجلينها. اشتري دفترًا واقضي الوقت في الكتابة. ارسمي، حتى لو كان بريشة طفل. لوني كتب التلوين المخصصة للكبار. اصنعي شيئًا بيديكِ. الإبداع هو عملية شفاء بحد ذاتها، فهو يعيد لكِ إحساسكِ بالقوة والقدرة على صنع الجمال.

🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷

** 🩷 الامتنان… العدسة السحرية التي تغير كل شيء :

إذا كان هناك سر واحد للسعادة في رحلة الألم هذه، فهو “الامتنان”. الامتنان هو العدسة السحرية التي يمكنها تحويل أي مشهد قاتم إلى مشهد مضيء.

دفتر الامتنان اليومي:
بجانب سريركِ، اشتري دفترًا جميلاً وسميه “دفتر النعم “. في نهاية كل يوم، اكتبي فيه 3 أشياء على الأقل أنتِ ممتنة لها. لا يشترط أن تكون أشياء ضخمة. يمكنكِ أن تكتبي:

“أنا ممتنة لله لطعم القهوة هذا الصباح”، “أنا ممتنة لله لاتصال هاتفي من صديقة”، “أنا ممتنة لله لدفء الشمس على وجهي”، “أنا ممتنة لله للطبيب الذي استمع إليّ باهتمام”

“أنا ممتنة لله لأنني استطعتُ الضحك اليوم”.

هذا التمرين البسيط سيعيد برمجة عقلكِ ليركز على ما هو موجود وجميل، بدلاً من ما هو مفقود أو مؤلم. مع الوقت، ستجدين أن قائمة “نعمكِ” أطول بكثير مما كنتِ تتصورين.

🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷

** 🩷 النهاية… أو البداية الأجمل

ها هي الرحلة تقترب من محطتها، أو بالأحرى، محطتها المؤقتة. لأن رحلة الحياة تستمر، ولكن بشخص مختلف. شخص أقوى، أكثر حكمة، وأعمق امتنانًا.

أنتِ الآن لستِ نفس الشخص الذي كان في البداية. أنتِ الآن امرأة تعرف قيمتها الحقيقية. تعرفين أن الجمال ليس في الشكل فقط، بل في القوة التي تتحدى، وفي الرقة التي تحتضن الألم وتحوله إلى أمل. تعلمتِ أن تحبي نفسكِ بكل حالاتها. تعلمتِ أن الفرح قرار، والامتنان خيار.

انظري إلى الوراء واشكري كل خطوة، كل دمعة، كل ضحكة. أنتِ كالنحلة التي تستطيع أن تستخرج العسل من أكثر الأزهار مرارة. لقد وجدتِ الألوان في منتصف السحابة، وزرعتِ الزهور في طريقكِ.

ها أنتِ الآن، أكثر إشراقًا، أكثر صلابة، وأكثر جمالاً من أي وقت مضى. لأن جمال الروح الذي مر بتجربة وعرف كيف يجد الفرح فيها، هو الجمال الذي لا يغيب.

ها قد أصبحتِ أنتِ ذلك البصيص الذي يضيء للآخرين. فاستمري في الإشراق.

🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷 🩷


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *